top of page

هل كُنا سعداء قبل الحرب

قبل الحرب كنت ابحث في ماهية الحُزن الذي يمتازُ بالخِفة، الحُزن بصفته مُرافقًا للحس  الفني، عن موتنا الصغير الذي لا جنازات له،  وقصص الحُب الفاشلة والحياة المُنتَظَرة والمخيال الذي لا ينفك عن أخذنا إلى  عالم اَخر والحنين لشيء مجهول لا نعرفه، عن بحثنا المحموم عن السحر والجمال وسط أيام تُشبه بعضها حد الملل. وقد احتاج مني هذا الامر أن اطور قدراتي في ملاحظة الأشياء الخفية في وجوه الناس وشوارع المدينة ومقاهيها ومساحاتها، وكان التقاط الاشارات  دائمًا يدلني على حُزن ما، أو ربما سعادة منقوصة وغير مُكتملة بسبب العيش في ظروف سياسية مقيتة.

وفي الحقيقة، بحثت كثيرًا لألقي القبض على تلك اللحظة التي يُمكن فيها أن يصطاد الإنسان سعادة خالصة لا تشوبهاغَصة ولا يصاحبها ذنب ولا يُنَغِصُ عليها قلق، لكنني لم أجِد، وعندما جاءت الحرب وَجدتُ حُزنًا خالصًا لا يحتمل الرومانسية ولا الميلانكوليا ولا الفن، وبدأت ألتقط الإشارات من وجوه الناس وشوارع المُدُن، ليس هُناك شيء ما يَلُوحُ فيالأفق، ليس هُناك تَناقض يُثير الفضول والدهشة، ليس هُناك حُزن خفي يحتاج الشرح والتحليل، ليس هُناك سعادةمنقوصة بل حزنٌ مؤكد. وفي العودة إلى سؤال هل كُنا سعداء قبل الحرب؟ لقد كُنا نُراوغ السعادة، نَخاف أن تَهرب،نتساءل عن ماذا ينقصها ولكن الاَن ليس هُناك حاجة للخوف والمُراوغة.. انه السقوط مقابل الوقوف على قدمين خائفتين.

الحرب

٢١ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page