top of page

من أي عدسة ترى العالم؟

الساعة السادسة صباحًا، تقتحم الشمس شُباك غرفة سين، تفتح سين عيونها بكسل وتمد يدها لتُلامس أشعة الشمس، تفكر انها اَخر أيام الصيف وان الخريف على الأبواب، هكذا هو أيلول وداعٌ ولقاء. لطالما أحبت سين هذا الشهر، فإنه يذكرها ببدايات السنة الدراسية، تلك الصباحات الباكرة التي كانت تستيقظ فيها على رائحة معجون حلاقة والدها الممزوج برائحة القهوة، وصوت اخوتها وهم يتشاجرون من سيدخل الحمام أولا، ووسط كُل هذا فيروز تُغني " غمضت عيوني خوفي للناس يشوفوك مخبى بعيوني"

 تبتسم سين بينما تتذكر هذه الأيام، تضع أغنية فيروز ذاتها، تفكر في أن صوت فيروز هو ذلك الخيط الذي يربطها مع مجموع ذواتها في شتى المراحل، هو الشاهد العيان على كُل مراحلها ونسخها المختلفة، الأمر الذي يجعل سماع  أغنية لفيروز ليس مُجرد كلمات نضعها على صندوق البحث في يوتيوب، بل مُواجهة حقيقية مع الماضي، وقوف أمام المراَة ومقياس يتراوح بين التصالح مع الذات والاغتراب عنها. بينما تغرق في أفكارها تصدح فيروز " سألوني الناس عنك سألوني قلتلن راجع اوعى تلوموني" ولأول مرة تُدرك سين أن فيروز كثيرًا ما تتحدث عن مجموعة هُلامية من الناس يُهددون حُبها وسعادتها، ففي أغنيتها لما ع الباب تقول " ما رح ترجع بعرف أنن غيروك يا حبيبي وعذبوني وعذبوك " وفي أغنيتها كتبنا وما كتبنا تقول " شو قالولك يا محبوب مغير من شهرين " أما في أغنيتها يا ريت منن تقول " يا ريت منن مديتن ايداي وسرقتك لأنك الهن مديتن ايداي و تركتك حبيبي".


فيروز

 من هؤلاء الناس يا فيروز؟ هل هذا تعبير عن الحب في مجتمعاتنا؟ حيث لا يكون الحب شعور بين شخصين بل عقدًا اجتماعيًا متعدد الأطراف! أم أنها رومانسية الاستحالة  ومتلازمة الحُب والخوف التي نشأنا عليها؟ تضحك سين وكأنها وجدت لغزٌ ما، تُريد أن تصرخ كأرخميدس حين صرخ " يوريكا " أي وجدتها حين  اكتشف قانون حجم الماء المُزاح بينما كان مُستلقيًا في حوض السباحة، ولكن أرخميدس اكتشف قانون فيزيائي أما سين فاكتشفت كيف تشكلت لديها تلك الرؤية المركبة عن الحب والعلاقات، فكيف لفتاة تسمع منذ نعومة أظافرها أغاني تتحدث عن الحنين المجهول والحُب المستحيل واللوعة أن لا تَكُن حالمة ومُتألمة وتتوق لحياة أخرى؟ 


هل فكرت من قبل كيف شكلتنا المواد البصرية والسمعية التي تلقيناها في طفولتنا؟ من مسلسلات وأفلام وأغاني! هل فكرت كيف ساهمت في رسم حدود شخصياتنا ورؤيتنا ومشاكلنا النفسية؟. كيف تحولت الى عدسة نرى الحياة من خلالها...

كم فتاة تعرف ما زالت تُنازع في علاقات عاطفية فاشلة لأنها تلعب لاشعوريًا دور الجميلة التي تُريد أن تغير " الوحش" وتُعيده إلى صورة الأمير؟ وكم إشارة خلفتها فتاة وراءها كفردة حذاء سندريلا لعل الأمير يجدها! وكم رجل ما زال يتشبث بمعاني البطولة الكارتونية ولكنه يضعف أمام الواقع ..


الجميلة والوحش




٢٤ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page