top of page

صدمة ما بعد الحفلة

بعد حفلة أقامتها سين في بيتها الصغير لوداع احدى الصديقات التي قررت الانتقال الى اوروبا، يبدأ أصدقائها بالخروج من البيت واحدا تلو الاَخر ، تُغلق باب البيت لتجد نفسها وحيدة تمامًا، تتأمل الكاسات والصُحون والأواني شبه الفارغة وتُراقب الذوبان السريع للرقصات والضحكات والوجوه التي تبدو وكأنها سافرت الى مكانٍ بعيد.

رسمة لمحمود حامد

تشعُر أن بيتها الصغير قد كبُرَ فجأة أو ربما كُتلة جسدها هي من انكمشت أمام شُعور الوحشة المَهيب، تتردد في بالها كَلمة وحشة فتُسارع للبحث عن معناها الدقيق في غوغل لتجد أن معناها في المعجم: الانقطاع وبُعُدُ القُلوب عن المودات أو الخوف من الخلوة ورغم تأثرها في المعنى إلا أنها لا تجده كفيلًا للتعبير عن ما حَلَ بقلبها، تُفكر انه أقرب إلى أن يكون صدمة الفراغ بعد الامتلاء.. مواجهة الذات بعد الانغماس مع الجُمُوع! تُفكر في صوت عالٍ “لا، ليس هذا المصطلح المُناسب

لتكتشف بعد دقيقة إنه ببساطة يُمكن أن يُسَمَى صدمة ما بعد الحفلة، ويمكن أن يحدث حتى دون وجود حفلة بمعناها الحَرفي، انها الحالة التي تنتاب الانسان بعد انتهاء لمة عائلية أو سهرة في مقهى أو ربما بعد انتهاء فترة ما من حياته كان فيها الكثير من الصخب والحِراك. وفي ظل الرأسمالية يُمكن أن تكون الحياة برُمتِها حفلات يتلوها صَدَمات، لا سيما أنها تُحول حياتنا إلى مدينة مَلاهي. نتعرف على أصدقاء، ندخل علاقات، نجد وظيفة ومن ثم ينتهي كل شيء ببساطة. فان عُمر التجربة لا يتعدى مسيرة القِطار السريع في الملاهي! مشاعر سريعة ومُكَثَفة والكثير من الدوار  والأدرينالين والدوبامين ومن ثم لا شيء. صمتٌ مُطبق وذكريات مُبعثرة لا يُمكن لملتها أو التأملُ فيها.

بينما تغرق سين في فلسفتها هذه تَرى ولاعة حمراء يبدو أن أحد الأصدقاء قد نسيها، تضحك سين لأنها على الأقل تأكدت بأن ثمة أشخاص كانوا هُنا فِعلًا وأنها لم تُصاب بالجنون تمامًا، تُمسك الولاعة وتُنير شَمعة، تتأملها وهي تذوب كما ذابت حفلتها الصغيرة.

سين بعد يوم حافل


٧٦ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page